الخميس 14 سبتمبر 2023 / 18:40

“الجثث في كل مكان، داخل المنازل، في الشوارع، في البحر”.. بهذه الكلمات الحزينة سرد عدد من الناجون الليبيين أهوال ومخاطر الكارثة الطبيعية التي هزت مدن شرق ليبيا، لاسيما درنة، حيث تسابق فرق الإنقاذ والبحث الزمن للبحث عن الجثث، بعدما دمرت الفيضانات المميتة سدّين وجرفت أحياء سكنية، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 5100 شخص، وسط مخاوف المسؤولين من تجاوز أعداد القتلى أرقاماً كارثية، فيما لا يزال هناك الآلاف في عداد المفقودين، وعشرات الآلاف بلا مأوى، وسط تحذيرات من تفشي الأمراض بسبب كثرة الجثث.

ارتفاع الأمواج لـ7 أمتار وقال المعلم محمد درنة (34 عاماً) إنه هرع هو وأسرته وجيرانه إلى سطح المبنى السكني، مذهولين من حجم المياه المتدفقة، التي وصلت إلى الطابق الثاني في العديد من المباني، وشاهدوا الكثير من الناس في الأسفل، بما فيهم أطفال ونساء وهم يُجرفون بعيداً بفعل قوة المياه، حيث بلغ ارتفاع الأمواج 7 أمتار، حسب تصريح عضو باللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا.

فيلم رعب هوليوودي وتابع محمد عبر الهاتف من مستشفى ميداني في درنة، “كانوا يصرخون.. النجدة النجدة.. لقد كان الأمر أشبه بفيلم رعب هوليوودي”.

وتقع درنة على سهل ساحلي ضيق، تحت جبال شديدة الانحدار، ولا يزال هناك طريقان صالحان للاستخدام من الجنوب، وهما طريقان طويلان ومتعرجان عبر الجبال، وتسبب انهيار الجسور فوق النهر في تقسيم وسط المدينة، ما زاد من عرقلة الحركة.

عائلات اختفت بالكامل وقال عامل إغاثة من بنغازي، عبر الهاتف من درنة: “أينما ذهبت تجد رجالاً ونساءً وأطفال قتلى.. فقدت عائلات بأكملها”، وتابع عماد الفلاح، إن فرق البحث قامت بتمشيط المباني السكنية المدمرة بحثاً عن جثث أو ناجين، وسط محاولات انتشال الجثث العائمة قبالة شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

وقال المتحدث باسم مركز الإسعاف في شرق ليبيا، أسامة علي، إنه تم تسجيل ما لا يقل عن 5100 حالة وفاة في درنة، إلى جانب 100 آخرين في أماكن أخرى شرق ليبيا، وأصيب أكثر من 7000 شخص في المدينة، وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إنه ما لايقل عن 30 ألف شخص في درنة نزحوا بسبب الفيضانات.

الوضع لا يوصف..راح كل شيء “الوضع لا يوصف.. عائلات بأكملها ماتت في هذه الكارثة.. جرفت المياه بعضها إلى البحر”، هكذا وصف أحمد عبدالله، أحد الناجين من تلك الكارثة، مشيراً إلى أن فرق الإنقاذ كانوا يضعون الجثث في ساحة المستشفى، قبل نقلهم لدفنها في مقابر جماعية داخل المقبرة الوحيدة السليمة في درنة.

“راح كل شيء.. راحت المدينة بحد ذاتها”.. هكذا عبرت ربة المنزل أحلام ياسين (30 عاماً) التي غادرت متجهة إلى مدينة طبرق شرقي البلاد، حزنها وأسفها الشديدين جراء ما حدث لموطنها، قائلة إنها خاضت مع عائلتها في مياه وصل منسوبها إلى مستوى الركب حتى تتمكن من مغادرة الحي الذي تقطنه.

وقال الناجي ربيع حنفي، إن عائلته الكبيرة فقدت 16 رجلاً في الفيضانات، ودفن 12 منهم، فيما أقيمت جنازة أخرى لأربعة آخرين في بلدة بشمال دلتا النيل.

أما أقارب محمود عبد البصير، فقد كانوا يعيشون على بعد أقل من كيلومتر من أحد السدين المنهارين، وقال إنهم نجوا بسبب إسراعهم إلى الطوابق العليا من مسكنهم المكون من 3 طوابق، ومن حسن حظهم أن المبنى ظل ثابتاً على الأرض.

كانت أمطار غزيرة.. فجأة امتلأت المدينة بالجثث وقال محمد سارية وهو فلسطيني، أصله من مخيم عين الحلوة للاجئين في لبنان، إن عائلة عمه صالح سارية التي كانت تعيش في درنة منذ عقود، إن الستيني وزوجته وابنتيه قتلوا جميعاً، بعدما جرفت المياه منزلهم.

وقال رجاء ساسي (39 عاماً) الذي نجا من الفيضان مع زوجته وابنته الصغيرة بعد أن وصلت المياه إلى الطابق العلوي، إلا أن بقية أفراد أسرته لقوا حتفهم: “في البداية اعتقدنا أنها أمطار غزيرة، لكن في منتصف الليل للأسف سمعنا انفجاراً هائلاً وكان سبب الانفجار انهيار السد، ثم امتلأت المدينة بالجثث”.

وقالت زوجته نورية الحصادي (31 عاماً) التي تشبثت بابنتها الصغيرة خلال هروبهما، إن نجاتهما كانت “معجزة”.

وقالت صفية مصطفى، (41 عاماً)، وهي أم لولدين، إنهم تمكنوا من الفرار من منزلهم قبل انهيار المبنى، صعدوا إلى السطح وهربوا عبر أسطح المباني المجاورة.. وقال ابنها أوبي، 10 سنوات، إنه كان يصلي إلى الله من أجل بقائهم على قيد الحياة.

وقالت صالحة أبو بكر، وهي محامية تبلغ من العمر 46 عاماً، إنها نجت مع شقيقتيها من الكارثة، لكن والدتها توفيت.. وسرعان ما غمرت المياه المبنى، ووصلت إلى الطابق الثالث، واندفعت المياه إلى شقتهم حتى السقف تقريباً، وظلت متشبثة بقطعة أثاث لمدة 3 ساعات تحاول البقاء على قيد الحياة طافية، مشيرة إلى أنها تستطيع السباحة، وعندما حاولت إنقاذ عائلتها، لم تتمكن من فعل أي شيء، وانحسرت مياه الفيضان وغادروا المبنى قبل وقت قصير من انهياره ووالدتها بداخله.

ولا يزال أسامة الحصادي، وهو سائق خمسيني، يواصل بحثه سيراً على الأقدام، عن زوجته وأطفاله الخمسة منذ وقوع الكارثة، في المستشفيات والمدارس، قائلاً: “راح ما لا يقل عن 50 فرداً من ع

إقرأ الخبر على الموقع الرسمي
المصدر: 24.ae